![]() |
#1 |
![]() ![]() |
![]()
عندما تمسك ورقة و قلما و تريد أن تبدأ بالكتابة، فلا تجد ما تكتبه، لماذا؟ لأن هناك فيضا في المشاعر و ازدحاما، كل تلك المشاعر تريد أن تخرج من رأس القلم الصغير، لكنه صغير على أن تخرج كل تلك المشاعر منه، هذا بالضبط ما أمر به، بل هو أعمق من ذلك بكثير، لا أدري بالضبط ما الذي أشعر به حتى، حالة بين الوعي و اللاوعي، كأني أدري و لا أدري، أحتار من أبسط الأمور، من شدة التشويش في عقلي أحتار أحيانا في كيف لي أن أكون هنا و أن أكون أنا، أحتار في حياتي كيف مرت و ما الذي حدث و ما الذي يحدث، كل هذا التطور من أين جاء؟ و أغمض عيني فأرى نفسي ...
أراني وسط صحراء قاحلة وسط الرمل الأصفر الذي يحيط بي من كل الجهات، لست أعلم موقعي لكنه مكان فيه شيء من جمال، أحس بالأنس رغم وحدتي و أحس بالاطمئنان رغم جهلي بمكاني، أمشي غير مكترث وسط الرمال و أجر قدمي أتحسس نعومتها و أرفع رأسي للسماء أرى زرقتها الغامقة في وقت الغياب عند تواري الشمس خلف تلك الكثبان البعيدة. و رغم وحدتي و جهلي و قلة حيلتي و الليل البهيم آت، لكنني مطمئن سارح في خيالاتي و أجر رجلي في الرمال، و أتمتم لحنا هادئا جميلا لست أدري مصدره، هكذا فقط، جاء من داخلي فأطلقت له العنان، و رأسي في السماء أرى كيف تزداد السماء ظلمة فوقي و أشعر بالرمل كيف تزداد برودته من تحتي و لكني مع ذلك مطمئن سارح في خيالاتي، أقطع صحراء يأسي مترنما بلحن قصيدة لست أدري أين سمعتها، بل ربما لم أسمعها و إنما عقلي يحاول تأليف قصيدة لكن الكلمات الخائنات بخيلة، فأضل أتمتم ترهات لست أدري لها معنى و لا مغزى، و أضل أمشي و الظلام يسود و البرد يزيد و خيالاتي و ترنيمتاي تأبى الانقطاع. حتى إذا ذهب الضياء و صار كل شيء حالكا مما عدى خيط الهلال و نجوما براقة مثل الجواهر، انتابني ذاك الشعور بأن أتوقف، و أرخيت جسمي ساقطا على ظهري أسرح بعيني وسط النجوم اللامعات أعد الشهب و أصنع في خيالاتي أشكالا من تجاور تلك النجمات، و ترنيمتي في فمي قد أخذت منحا غريبا غير منحاها الذي قد كان حين المشي أثناء الغياب. يا أيها النجمة كيف لك أن تصمدي في العلا في هذه الدنيا الغريبة؟ كل شيء حادث و الشهب تسقط و القمر يكبر ثم يصغر و أنت ثابتة في السماء غير آبهة بكل ما يحدث أو قيل أو سيقال؟ يا ليتني كنت مثلك صامدا، لكنني وا أسفاه مثل هذا القمر. ما بالك يا قمر؟ تكون جميلا مستديرا تضيء للناس دروبهم و عقولهم ثم لا تلبث إلا و قد بدأت بالضمور إلى أن تختفي و لا يبقى منك سوى شعاع خيط لا يكاد يرى حتى يقول جاهلوك هذا لن يرى، لكنك تعود و تكبر، فإذا ما أدركت كمالك لم تثبت عليه سوى ليلة بدرا جميلا مستديرا فتعود للنقصان. قل لي بربك لماذا هكذا هي الأكوان؟ [/color][/color] و لكن خيالاتي كبيرة و القمر جامد لا يسمعني و لا يرد، فلما أدركت نفسي فتحت عيني فوجدتني في غرفتي وحدي و النوم يداعب أجفاني، و لولا النوم لما استطعنا أن نجابه آلام الزمان. تصبحون على خير.[/SIZE] |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|